#قصة_أستاذ

أدرس خمسين تلميذا داخل فصل واحد، بدعوى الخصاص وما إلى ذلك مما
تجتهدون فيه للرد على مطالبنا ومطالب الشعب..
كنت سأفرح بتكريمكم، يوم سقطت فيه مغمى علي، إثر مرض مزمن، بعدما ضاق السيد النائب بمراسلاتي المرفقة بملف طبي مصادق عليه من قبل وزارة الصحة..
كنت سأفرح بتكريمكم، ولوائح الترقية تطالعني كل سنة بجدول خال من اسمي..
كنت سأفرح بتكريمكم، وأنا أشغل جميع الحرف داخل قسمي،
تارة حلاقا يحلق رؤوس تلاميذي، وتارة منظفا أجمع فضلاتهم وقمامات الساحة،
وتارة بناء أو صباغا أعتلي السلالم لمناشدة جدران المدرسة حتى لا تباغتني يوما وأنا أشتغل بينها..
نعم، أيها المحترمون..
كنت سأفرح بهذا التكريم، خلال تلك السنوات المديدة المريرة التي خلفت ما
خلفت على تجاعيد وجهي وعظام جسدي وأكوام مكدسة من اﻷحزان داخل صدري
المنهك بالربو والسعال اﻵن.. ولم يكن يزيدني إصرارا وتمسكا بالحياة، غير شرطي يستوقفني بالطريق مذكرا إياي أنه كان ذات يوم أحد تلاميذي، أو ممرضة لم تنس جهدي معها وهي تلميذة، أو…
لكل هذه اﻷسباب أيها السادة، أعتذر عن قبولي هذا التكريم هذه الليلة،
وأطلب منكم فقط أن تفسحوا لي طريقا ﻷخرج من هذه القاعة التي خنقتني –
أنا المعاق ذا العكازين- وأنصرف إلى حال سبيلي،
مستسمحكم عذرا على اﻷخذ من وقتكم لسماع أساطير شيخ في أراذل عمره..
والسلام عليكم ورحمة اللـه” .